رغم ما تسببه أمراض الحساسية من متاعب قد يصعب إحتمالها، إلا أن التخلص منها يصبح سهلا إذا ما إتبعت الأساليب الصحيحة في الكشف عن أسبابها وعلاجها والتي ينصح بها المتخصصون.
* د.أمجد عبد الحميد الحداد مدير مركز الحساسية والمناعة بمعهد المصل واللقاح يوضح أن الإعتماد علي أجهزة التكييف بدلا من التهوية الطبيعية وإستخدام الموكيت والسجاد أدي إلي نمو مجموعة من الكائنات الحية الدقيقة مثل حشرة الفراش في الأغطية والمفروشات -حيث أنها تتغذي علي القشور الجلدية- وإلي نمو مجموعه من الفطريات، كل ذلك في الأماكن المغلقة رديئة التهوية وذات الرطوبة العالية، وكل ذلك يحفز خلايا الجسم علي إنتاج نوع معين من الأجسام المضادة وإنتاج مجموعة من المواد الكيميائية والبيولوجية التي تؤدي في النهاية إلي ظهور أعراض الحساسية.
ويؤكد د.أمجد أن كل شخص يعبر عن الحساسية بطريقته الخاصة وفقا لمكان تأثيرها، فهناك حساسية الأنف وحساسية الصدر والعين، وتتراوح الأعراض ما بين حكة بسيطة بالجلد وعطس أو رشح بالأنف أو حدوث أزمات ربوية قد تسبب حدوث حساسية مفرطة في الجسم كله.
وتعتبر مسببات الحساسية من أسهل مسببات الأمراض التي يسهل التخلص من تأثيراتها السلبية علي صحة الإنسان حيث يتم الكشف عنها عن طريق إجراء مجموعة من الإختبارات علي الجلد لتحديد المسبب للحساسية، ولكن كيفا فقط بمعني أن هناك حساسية أم لا وهي طريقه سريعة وموثوق بها، ويتم عمل هذا الإختبار بعدة طرق علي حسب التشخيص الطبي والفحص الظاهري.
* ويوضح د.محمد السيد راشد مدير معمل إختبارات الحساسية بمعهد المصل واللقاح طريقة إجراء هذه الإختبارات بأنها تتم بوضع كمية صغيرة من مسببات الحساسية المشتبه بها تحت الجلد لمعرفة رد فعل الجسم لها، ولابد أن يوقف المريض الأدوية المضادة للحساسية لمدة لا تقل عن خمسة أيام حتي لا تؤثر سلبا علي النتائج، وتنقسم الإختبارات إلي ثلاثة أنواع:
أولاً: إختبار وخز الجلد، ويتم بوضع قطرة من محلول يحتوي علي مسببات الحساسية المحتملة علي الجلد، وعمل سلسلة من الخدوش أو الوخز بإبرة ليسمح للمحلول بدخول الجلد، فإذا أصبح الجلد أحمر وحدثت حكة في هذه المنطقة مع إنتفاخها فهذا يعني أن الشخص لديه حساسية من هذه المادة وهو ما يسمي برد فعل إيجابي.
ثانياً: إختبار بالحقن في الجلد، ومن خلاله يتم حقن كمية صغيرة من محلول يحتوي علي مسببات الحساسية في الجلد، ويمكن أن يجري هذا الإختبار بعد عمل إختبار وخز الجلد للمادة وعدم حدوث رد فعل -النتيجة سلبية- ولكن لا يزال هناك إشتباه أن هذه المادة مثيرة للحساسية لهذا الشخص، وهو أكثر حساسية منوخز الجلد.
ثالثاً: باتش الجلد عن طريق وضع محلول يحتوي علي مسببات الحساسية علي قطعة أو رقعة يتم وضعها علي الجلد لمدة تتراوح بين24 إلي72 ساعة، ويستخدم هذا الإختبار للكشف عن حساسية الجلد، ويسمي التهاب الجلد بالتماس ويكون أكثر للمواد الكيماوية والمعادن، كما يمكن إجراء اختبار الحساسية في الدم، ويقيس هذا الإختبار نسبة الأجسام المضادة النوعية ويتم ذلك لعدة إعتبارات أهمها تقدير مسببات الحساسية كما وكيفا إلي جانب حالات الأمراض الجلدية التي لا يمكن إجراء إختبار الجلد عليها، وكذلك يتم إجراؤه علي الأطفال أقل من خمس سنوات والمرضي الذين لا يمكنهم وقف الأدوية المضادة للحساسية، وأصحاب البشرة السوداء، وهذا الإختبار يعتبر دقيقا ولكن تكلفته عالية بالمقارنة بإختبار الجلد، ويمكن أيضا الكشف عن حساسية الأطعمة التي تتطلب التأكد من نتيجتها بمقارنتها بالتاريخ المرضي للمصاب.
ويفضل الباحثون بالنسبة لحساسية الأطعمة، كالفواكه، إجراء إختبار وخز الوخز، ويقصد به وخز الفاكهة الطازجة ثم وخز الجلد في نفس التوقيت، وهذه طريقه أدق لحساسية الفواكه، وبعد إجراء الإختبار، في حالة وجود نتيجة إيجابية لأحد المسببات، يتم إعداد وتجهيز المصل المناسب، ويعتبرالعلاج المناعي للحساسية -أمصال الحساسية- آخر خط للعلاج ولا يستخدم إلا عند عدم الإستجابة للعلاج البيئي والدوائي، وتعتبر أمصال الحساسية من التطورات الحديثة في علاج الحساسية، لكن هذه الأمصال تستخدم لفترة طويلة من عامين إلي خمسة أعوام لذلك يجب علي المريض أن يستمر في إستخدامها حتي نهاية العلاج لأن كثيرا من المرضي يبدأون في إستخدام المصل ثم يتوقفون بعد عدة أشهر عندما يشعرون بالتحسن، وسرعان ما تعود الحساسية مرة أخري لما كانت عليه لعدم الإستمرار علي المصل الفترة الكافية المطلوبة، ويجب أن يقرر هذه الأمصال طبيب متخصص في الحساسية بعد التقييم ووضع الحالة ومدي إستجابتها للعلاج البيئي والدوائي، ولا يمكن وصفها ذاتيا من قبل المريض، وفكرة عمل هذه الأمصال ببساطة أنه يتم إعطاء المريض نفس المهيجات التي تثير الحساسية عنده، فمثلا لو كان المريض يعاني من حساسية عثة غبار المنزل ولم يستجب للعلاج البيئي بتجنب التعرض للعثة ولا للعلاج الدوائي الذي يعالج الحساسية لديه فان الطبيب سوف ينتقل للمرحلة الثالثة وهي العلاج المناعي بالأمصال، حيث يصف له الطبيب مصلا يحتوي علي نفس المهيج الذي يعاني منه وهو عثة غبار المنزل علي فترة طويلة، حيث يؤدي ذلك إلي تعديل وتغيير طبيعة تفاعل الجهاز المناعي عند المريض لعثة غبار المنزل بحيث أنه لو تعرض لتلك العثة فإن الجهاز المناعي لا يعطي ردة فعل لها، وبالتالي لا تصبح تلك العثة مهيجا للحساسية لديه ومثلها مثل باقي المسببات الأخري خاصة المستنشقات كالفطريات والحيوانات والطيور وحبوب اللقاح.
ومن فوائد العلاج المناعي بالأمصال أنه يحقق الشفاء التام ويقلل من إستخدام الأدوية وخصوصا الكورتيزونات لما لها من آثار جانبية علي الطفل، كما يقي الطفل من ظهور أو تفاقم الأنواع الأخري للحساسية ويقلل من تكلفة العلاج.
الكاتب: ولاء يوسف.
المصدر: جريدة الأهرام المصرية.